كتابة الدواء بالاسم العلمي
بيزنس لايف د. محفوظ رمزي
رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة صيادلة القاهرة
يحقق سوق الدواء المصري مبيعات سنويا لن يقل عن 300 مليار جنيه، متوسط نصيب الفرد سنويًا كمستهلك للدواء حوالي 3 آلاف جنيه، ومتوسط الاستهلاك الشهرى 250 جنيه للفرد، وطبعا الموضوع لا يقاس بهذا الطريقة البسيطة، ولكن للتوضيح فهناك أفراد معدل استهلاكها للدواء لا يتعدي 10% من المتوسط المذكور، وهناك أفراد قد يتضاعف المعدل المذكور لأكثر من 10 أضعاف وحتي 100ضعف، خاصة في أدوية الأورام والتي لحسن الحظ وبفضل الجهود المبذولة، فإن العلاج علي نفقة الدولة يغطي جانب كبير من تلك الأمراض المزمنة،خاصة أمراض القلب والسكر والضغط والأورام.
وبالحديث عن متوسط الشركات التي تنتج نفس الدواء ونفس المادة الفعالة فنجدهم 14 شركة دواء، وقد يزيد عن ذلك الرقم، خاصة مع فتح البوكسات لبعض أنظمة التسجيل المستحدثة.
هل مطلوب من الصيدلي والطبيب أن يحفظ علي الأقل 14 اسم تجارى لنفس المادة الفعالة؟!.. في حين أنه ببساطة يكفيه معرفة اسم المادة الفعالة بغض النظر عن الاسم التجاري الذي من الممكن أن يتشابه مع اسم تجارى آخر، خاصة مع الخطوط الهيروغليفية لبعض مقدمي الخدمة الصحية، وبالتالي كتابة الدواء بالإسم العلمي أسهل للطبيب والصيدلي ويقلل الأخطاء الطبية الناتجة عن تشابه الأسماء التجارية.
في الحقيقة قد يخطئ مقدم خدمة طبية في الاسم التجارى نظرًا لكثرة المثائل والبدائل، لكن مستحيل يخطئ في كتابة الاسم العلمي مثلا سيبروفلوكساسين جميع الأطباء والصيادلة يعرفون الاسم العلمي ولكن الكثير من الأطباء لا يعلم الإسم التجارى وبالتالي ليس من المنطقي والطبيعي أن تثقل عليهم بأسماء تجارية.
الإسم العلمي يخفف عن كاهل المريض المدفوعات التي يدفعها من أمواله الخاصة بنسبة لا تقل عن 30%، حيث أن الصيدلي هو الذي يعلم تماما الظروف الإجتماعية والإقتصادية للمواطن حوله فهو بمثابة طبيب وصديق الأسرة وسوف يراعي الأبعاد الإقتصادية للمرضي المترددين وإلا فقدهم وبالتالي فهو سوف يكون الأشد حرصا علي توفير الإحتياجات من الدواء دون الضغط علي كاهل المواطن.
تواجد الصيدلي في حال كتابة الدواء بالاسم العلمي هو حتمي بالتالي فائدة للمجتمع بأكمله بتواجد صيدلي طوال اليوم يقدم النصائح الطبية ويقوم بتحويل المرضي للمتخصصين من الأطباء، وسوف يوفر علي الدولة أكثر من ثلاثة مليارات جنية تنتهي سنويًا صلاحيتها وتتحمل صيدليات مصر فاتورتها منفردة حتي الآن حيث أن كتابة الدواء بالإسم العلمي يتيح الصيدلي الخيار الحر في صرف الدواء الموجود بالصيدلية، وتحريكه ليتغلب علي ضرورة صرفه بالاسم التجارى الموصوف الذي يحرك اسماء تجارية محددة ويهمل أصناف تجارية أخرى من نفس المادة الفعالة بغض النظر عن أسباب ركودها سواء بسبب سوء الدعايا أو غيره، رغم أن النتيجة واحدة وهي فقد موارد نحن في أمس الحاجة إليها.
والدليل على ذلك نجد الدواء يتم صرفه في جميع المراكز الطبية والمستشفيات الحكومية بالاسم العلمي ويعطي نفس النتائج، وفي المقابل نجد الدواء التجارى الذي يصمم عليه طبيب متخصص ويرفض دواء ٱخر بنفس المادة الفعالة لشركة أخرى بداعي الفعالية
نجد طبيب ٱخر من نفس التخصص يصر علي صرف الدواء المرفوض من زميله ويرفض الدواء الذي يصرفه الطبيب الٱخر وبنفس الدواعي الفعالية.
الدواء المصري يمر بمراحل معقدة جدا من التسجيل والتحليل ودراسات الثبات المعجلة وطويلة المدي وفي بعض الأدوية يتم إجراء دراسة التكافئ الحيوي الذي يقارن بين الدواء المصري والدواء المستورد وهنا نقطة مفصلية لا مجال للتحايل فيها يجب أن تكون النتائج متطابقة تماما، ولكن عقدة الخواجة التي تم تصديرها من الشركات العابرة للقارات في أذهان كل مقدمي الخدمة الطبية نجحت بتقدير إمتياز في تكبير مزرعة الشك لديهم ونقلت ذلك الفكر الظن السلبي للمواطن الذي أصبح ضحية لتكرار وهم المستورد والمحلي ليدفع ثمن ذلك الفكر من قوت أبناءه ويدفع المجتمع بأكمله نتيجة الهوس بالمقارنة بين المستورد والمحلي مستغلين عدم إلمام بعض مقدمي الخدمة الطبية بأن مقاييس الدواء بدءا من ورود المادة الخام علي المنتج النهائي له مقاييس ومعايير معتمدة من الجهات العالمية.
مصر يا سادة تحتوي علي 180 مصنع دواء وأكثر من 17 ألف دواء مسجل، ولا تستورد المادة الخامة إلا من مصانع حصلت علي شهادة التصنيع الجيد GMP وأحيانا DMF
مصر تحتوي علي أفضل مصانع للدواء في الشرق الأوسط، وبها أفضل الكفاءات والخبرات الدوائية التي أتاحت تأسيس مصانع في بعض الدول حولنا والتي أصبحت تصدر 7 أضعاف شركاتنا بفضل عقول الصيادلة المصريين وأصبحت شركاتها مطروحة في البورصة في أوروبا وأمريكا.
ميزان المنافع لكتابة الدواء بالاسم العلمي لا يقارن بميزان السلبيات التي يروج لها البعض، فميزان المنافع جماعية بما فيهم المواطن، وأما السلبيات فهي أحادية.
إذن المطالبة بكتابة الدواء بالاسم العلمي ليس مطلبًا فئويًا كما يدعي البعض وليس فقط حق أصيل بل واجب يجب المحاربة من أجله.